???? زائر
| موضوع: طيور جريحه ....الجزء الاول ...د/ احمد مراد الثلاثاء نوفمبر 10, 2009 1:08 pm | |
| الحلقة الأولى
تطايرت الأبخرة الغزيرة برائحتها النفاذة المميزة من أحد محلات الكباب الشهيرة بمنطقة غمرة بالقاهرة .. لتثير حول المحل عبقا خاصا .. فأرباب هذه المهنة يحكمون على نجاح المحل بكثافة هذه الأبخرة وعدم انقطاعها ..
وبالدخل كان أحد العمال يقوم بإعداد الوجبة الكبيرة والدسمة التي طلبها أحد الشباب منهم
كان الشاب بملابسة الحديثة والعجيبة ونظارته السوداء الكبيرة التي تخفي نصف وجهة
وسيجارته الرفيعة برائحتها المعطرة يقف وهو يتمعن في العمال بقوة وهم يسعون يمينا ويسارا في نشاط جم لإرضائه عسى أن يفوزو منه بإكرامية ينتظرونها بلهفة حيث أنها هي العماد الأساسي لدخلهم من هذا المحل ..
بعد أن قاموا بإعداد وجبته المطلوبة أعطوه الأكياس معبئة بها .. حملها وذهب الى حيث عامل الخزينة ليدفع له المستحق عليه ..
وضع الأكياس بجواره على الأرض
ومد يده في جيبه ليخرج حافظته .. فاذا بها ليست بهذا الجيب الذي بحث به
أخذ يقلب جيوبه
وفجأة كصاعقة انقضت من المجهول ..
صبي صغير مهلهل الثياب ومتسخها اندفع الى داخل المحل ليختطف تلك الأكياس وينطلق بها كالقذيفة ..
واذا بهذا الشاب يسبه وينطلق خلفه كالطير الجارح
ارتبك العمال بالمحل ولم يدرو ماذا يفعلوا وهموا بأن ينطلقوا معه خلف هذا الصبي
ولكن ما إن برزوا خارج المحل حتى كان أثر الصبي والشاب قد تبخر
وعند سؤالهم للواقفين بالخارج أشاروا لشارع جانبي انطلقوا به
وأيضا كان الشارع خاو تماما منهما
وعاد العمال لينتظروا بالمحل عودة ذلك الشاب إما محملا بأكياسه أو بخيبة فقدها ومحاولة أخذ أخرى بدلا منها
المهم ألا تفوتهم الإكرامية
ولكن مر الوقت طويلا بدون عودته
*****
علا صوت قهقهة تامر وهو يتناول الأكياس من الصبي ويمد اليه برغيف ومعه قطعات صغيرة مما ساعده على سرقته ويقول له ..
.. (( المرة القادمة لو تأخرت ثانية واحدة قد تفضحنا فقد طالت مدة تقليبي لجيوبي .. فلا تكررها ))
تناول الصبي الرغيف منه بلهفة وقام بلفة بسرعة بما أعطاه وتناوله في نهم وجوع شديدين وقال له بصوت غير مفهوم بسبب امتلاء فمه ..
.. (( لا تقلق يا زعيم أنت فقط أعد الخطة للضربة القادمة وحدد لي الشوارع التي سنهرب فيها وأنا طوع أمرك .. ))
أشار له تامر بالإنصراف .. وأخذ حمله وذهب به الى إحدى الحدائق
وبدأ يأكل ببطء شديد وبتلذذ غير عادي
نظر إلى أحد الشباب برفقة خطيبته وهو يتناول شطائر الفول والطعمية ويمد يده بها اليها بكل ود .. وهي تتناول منه ممتنة بها ..
قذف وليد بقطعة كبيرة الى فمه وهو يتلذذ بمشهد أنه الآن يفوقهما مكانة وتلذذا بالطعام
فكم كره أن يكون هو اليد السفلي دوما
كم يلعن الفقر المدقع الذي يعيش فيه
ما إن تذكر الفقر الرهيب الذي يعاني منه حتى تمعر وجهه بالألم وذهب مذاق الطعام الذي سرقه من فمه
كان دوما يسائل نفسه
ما الفرق بينه وبين الشباب الذاهب والآتي بالسيارات الفاخرة وقد ولدوا بملاعق من ذهب في فمهم ؟؟ ..
له عقل ذكي مبتكر ربما يفوقهم جميعا
لدية الوسامه التي يظهرها هذا الملبس الخادع والذي استعاره من أحد معارفه ..
ولكن بسبب نشأته يتيما في حي الشرابية وفي إحدى العشش الصغيرة المبنية من الصفيح
وبرفقة أمه وأخته وأخيه وبلا دخل تقريبا
يعاني الأمرين
كان وليد يشعر بالحقد والكراهية لكل من يظهر عليه أثر النعمة
وحينما تأتيهم لحوم ووجبات الصدقات في الأعياد ورمضان والمناسبات الخيرية
يشعر بالهوان الشديد وتزداد الكراهية بداخله
فهو يرى بأنه أفضل من أصحاب الكرامات هؤلاء الذين يفعلون الجرائم أشكالا وألوانا ويظنون بأنهم حين يلقون بهذه اللقيمات الى الفقراء أمثاله قد نالو الرضا في الدنيا والآخرة
امتلئت معدته عن آخرها وتبقي الكثير
نظر لأحد المشردين كان يفترش ظل شجرة وينام تحتها ولا يشعر بالكون من حوله
فكر أن يذهب ليعطية ما تبقي وهو كثير
ولكن هو يرى بأنه قد حصل عليه بتعبه وذكائه ولهذا لا يستحقه غيره
وقام بلف البقية وذهب وألقاها بإحدى سلات المهملات المنتشرة بالحديقة وهو يشعر بالنشوة والتميز والتفرد
ارجو الرد لانها لو اعجبتكم سو اكملها لكم |
|